خدعة اسمها الحياة

Publié le 12 Juin 2016 par أبناء أيير الجميلة in وجهة نظر

خدعة اسمها الحياة

 

هشام الفكاك

 

رفض رئيس الأرغواي البالغ من العمر 79 سنة بيع سيارته المتواضعة "فولسفاغن" لثري عربي منح من أجلها مليون دولار،بهذا السلوك أعطى رسالة قوية لكل الأثرياء مضمونها أن المال ليس كل شيء في هذه الدنيا،كل يوم نأخد العبر لكن جهلنا وجشعنا وتعلقنا بمظاهر الحياة الزائلة يعمينا،نلهت وراء المال ولا نستفيد من الدروس،وننسى أن المهم هو العمل الصالح ونصرة المظلوم وفضح الفساد،ونكون بذلك قد تركنا وراءنا مجموعة من الإنجازات يتذكروننا بها،وتنفعنا يوم لا ينفع إلا من أتى الله بقلب سليم.
إن الخوف من النهاية والزوال أصبح من أمراض العصر،كما أنه أصبح تجارة مربحة ،يغذون خوف الدول من بعضها البعض لشراء الأسلحة تحسبا لنشوب الحروب،ويرعون مخاوف الأفراد لكي يحولونهم إلى مواطنين طيعين،هذا الخوف يعكس قلقا عميقا وفراغا روحيا يحول الإنسان إلى كائن مذعور يرفض فكرة السقوط والنهاية،ويعظ بالنواجد على الحياة مهما كلف الثمن.
إن أصل مشاكلنا هو الخوف،الخوف من فقدان منصب شغل،الخوف من الموت...سلسلة لا متناهية من المخاوف التي تؤدي إلى أمراض نفسية،ولذلك نرى أن الحل للإنتصار عليها هو إخضاع الآخر،المرأة تلجأ إلى الشعودة ﻹخضاع زوجها،وهو بدوره يستعمل جميع الطرق لإخضاعها ولو بالعنف،والرئيس يسعى لإخضاع موظفيه... وهكذا دواليك،العلاقة التي نسعى لبنائها مع الآخر هي التحكم فيه وتفادي التعايش معه وقبول اختلافه.
إن الثروة الحقيقية للإنسان هي الأفعال الطيبة التي ترافقه إلى القبر،والفقر الحقيقي هو فقر القلب إلى الإيمان،فهؤلاء الأغنياء سيظلون فقراء طيلة حياتهم مادامت جيوبهم منفوخة بالمال الحرام وقلوبهم فارغة من العطف وحب الخير للفقراء ومساعدتهم،فجلهم لا يتحرك إلا بأدوية الجهاز العصبي والمهدئات،والسبب هو الخوف والقلق.
لا أروم القول بأن الحياة فانية كما يقول بعض الذين يخدرون الناس لأنهم يستفيدون من إبقاء الوضع على حاله،وأنه وجب علينا أن نعتكف في المساجد في انتظار الموت الحتمي،لا على العكس،بل وجب الإشتغال أكثر من اللازم،كل من موقعه وكل حسب إمكانياته والدفع بمافيه خير للبلاد والعباد،كما قال علي:"إعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا،واعمل ﻵخرتك كأنك تموت غذا"،يجب استثمار ذلك الخوف وتحويله إلى شحنة إضافية لأن الحل الوحيد للتخلص من هذه المخاوف هو مواجهتها،وأكبر مواجهة هي مواجهة الموت واستحضاره لكي نشعر بالقيمة الحقيقية للحياة ونستغلها لفعل الخير والإستمتاع بها،وبالتالي نكون قد حققنا الهدف الأساسي من وجودنا.

 

Commenter cet article