العلامة أحمد بن الحاج؛ طريقه الديني و العلمي و أدواره المتعددة بالعكارطة

Publié le 18 Août 2014 par أبناء أيير الجميلة in تاريخ

العلامة أحمد بن الحاج؛ طريقه الديني و العلمي و أدواره المتعددة بالعكارطة
العلامة أحمد بن الحاج؛ طريقه الديني و العلمي و أدواره المتعددة بالعكارطة

إعداد و تقديم ׃ الأستاذ و الباحث عبد القادر رجاء

 

مقدمة

 

        تحسب  أيير المتواجدة شمال أسفي و الممتدة على مساحة وصلت إلى 321 كلمتر مربع ضمن المناطق المعروفة بإقليم أسفي و ذلك على مستويات متعددة منها التاريخي و العلمي و الديني؛ فهي بلاد القصبة البرتغالية المشهورة و منطقة صلحاء كثر و زوايا لها من التاريخ و القيم ما يسمح لها بأن تبقى راسخة في ذاكرة المنطقة و تبصم التاريخ الأييري رغم غياب أرشيف محلي  في رفوف المكتبات و الجامعات.

        ولعل هذا التاريخ و هذه الذاكرة التي تختزلها ساكنة أيير لعبت فيها شخصيات مهمة أدوارا كبيرة و ساهمت من زوايا و جوانب متعددة في بناء ذاكرتها و جعل صيتها يتجاوز حدود المنطقة إلى غيرها من مناطق المغرب.

        و إن كان وراء كل عمل عظيم شخص  أو أشخاص عظماء فإن وراء إشعاع منطقة أيير الديني و العلمي و الاجتماعي رجال و صلحاء و صالحات تركوا بصمات بالجملة بتراب المنطقة و زادوا من وقعها لدى السامعين عنها أو زائريها. فيكفي المنطقة فخرا أن تتواجد بها مدارس و قلاع دينية توزعت على كامل ترابها؛ و يكفيها عزا أن تكون شخصيات عالمة و متعمقة في التدين و التصوف و التمدن قد رفعت راية شرفها عاليا بين مناطق الإقليم و الجهة و المملكة و أمام شخصيات من عالم السياسة و الدين و التصوف.

        منطقة العكارطة، و التي توصف بكونها المركز الإداري لمنطقة أيير كما هو معروف لدى ساكنتها، لم تكن ببعيدة عن هذه الاعتبارات التي ذكرناها آنفا؛ فساكنة أيير قد لا تختلف في كون المنطقة منطقة الطلبة ( الفقهاء) بامتياز.  و كان هذا الاسم متداولا لكثرة الفقهاء و العلماء بها، و ربما كانت كلمة الطالب إي الفقيه تتجواز المعنى العادي المقتصر على حفظ القران و تلقينه  إلى معان أخرى؛ فطالب الأمس حافظ للقرآن و دارس له و عارف للشرع و الفقه و غيره من العلوم المرتبطة أساسا بالنص القرآني.

        العكارطة التي يعود الأصل في تسميتها إلى أحد معمريها احتوت بأرضها نماذجا بشرية شكلت مدارسا في الصلاح و الأخلاق كما هو الحال للعلامة أحمد بن الحاج حمو و الذي نحن بصدد العرض له في هذا البحث المقسم إلى مجموعة  محاور؛ نعرض في أولها لهذه الشخصية التي لا يستقيم الحديث عن تاريخ العكارطة بدون ذكرها تم سنتطرق إلى القلعة الدينية و المعرفية  التي أسسها على تراب المنطقة و سننهي هذا العمل بتسليط الأضواء على أدوار أحمد بن الحاج المتعددة.

 

  1. أحمد بن الحاج و سؤال النسب.

 

        يتداول عند ساكنة المنطقة بأن أحمد بن الحاج هو  الرجل العالم و المتدين ابن الحاج حمو بن عبد الكريم دفين مقبرة سيدي محمد بن مسافر بالقرب من شاطئ المحيط. و حسب إفادات لذرية أحمد بن الحاج فان هذا الأخير توافد على منطقة أيير من بوسلهام أحد ربوع المغرب و بالضبط من منطقة قريبة من مدينة فاس.

        و كان استقراره أولا على بعد ما يقارب فرسخا من منطقة القواسمة و بالقرب من مغارة الأسد الغريبة و  المعروفة عند أهل المنطقة. ووقفنا من خلال بحتنا عن مكان تواجده بالمكان بأن هذا الأخير هو ذلك الذي يقع في منطقة  تحمل اسم "الحويطات" و لم يكن بهذا المكان إلا بناية شيدت بشكل تقليدي و من الأحجار و مازال أساسها ظاهرا و تتواجد أمامه مساحة مهمة و  يعتبر مزارا للساكنة القريبة منه.

        و حتى و أن كانت المراجع التاريخية الشفوية و المكتوبة و على ندرتها  لا تعطي معلومات كثيرة عن  الأصل و النسب المنتهي إليه العلامة أحمد بن الحاج،  فإنها لا تتباعد في القول بأنه رجل دين و صلاح و مجتمع؛ فمحمد بن أحمد العبدي الكانوني الوحيد الذي يخصص في  كتابه جواهر الكمال في تراجم الرجال لأحمد بن الحاج بعض الأسطر يوضح من خلال ترجمته  بأن أحمد بن الحاج ابن فلان بن عبد الكريم بن محمد هو "الرجل الفاضل ذو الجود و الإيثار و الكرم"  يضاف إلى هذا كونه " ملجأ لأهل العلم و مقصودا لأهل الخير و الصالحين".

        يقول عنه الكانوني بأنه كانت له " مدرسة للفقه و العربية و القرآن" و كانت  مقصودة من طرف " الناس من الغرباء " فكان بذلك أحمد بن الحاج و لتحقيق أهدافه يقوم " بمؤونتهم على عادة سلفه".

        نفس المصدر يشير إلى أن أحمد بن الحاج درس عند " الأستاذ الصالح سيدي أحمد بن مبارك الخنبوبي " كما أخذ كذلك عن " الأستاذ السيد محمد بن أحمد بن دحوا الأزموري الطريقة المختارية و غيرها".  و من جهة أخرى فالعلامة موضوع البحث التقى و عاشر مجموعة من " أهل العلم و الصالحين" و أنه استفاد منهم " خيرا جزيلا"، و كان هذا الصالح يقوم بواجباته بكثير من " الكرم و الايثار".

        و يؤرخ الفقيه الكانوني لوفاته في يوم "الأحد الثامن و العشرين من ذي القعدة عام 1311 هجرية"  ومكان دفنه هو مقبرة على شاطئ المحيط.

        و انطلاقا من هذه الترجمة يمكن الوقوف على مجموعة من الصفات التي تميز بها أحمد بن الحاج.

 1.1الفضل و الإيثار

        كان لأحمد بن الحاج فضل على  رجال عصره و على الذين كانوا يدرسون تحت تأطيره و كان كريما يرأف  بالناس و يكرم زائريه و تلاميذه"

 1.2 مقصد لأهل العلم

        إن القيمة العلمية التي كان يتميز بها أحمد بن الحاج جعلت منه قبلة لأهل العلم و أهل الخير و الصالحين الباحثين عن العلم و المعرفة، و بالتالي فبالإضافة إلى الدور الذي كان يقوم به داخليا كان انفتاحه خارجيا كذلك.

1.3 مدرس و عالم

        هذه الصفة تفسر بالمدرسة العلمية و الدينية و التي كان أحمد بن الحاج وراء تأسيسها بالعكارطة فكان يدرس اللغة العربية و الفقه و القرآن و كان الناس و الطلبة يقصدون مدرسته للتزود من مخزونه العلمي و الديني.

 1.4المتصوف

        أخذ أحمد بن الحاج عن أساتذة كبار أمثال أحمد بن مبارك الخنبوبي و أحمد بن الأزموري و تأثر بالطريقة المختارية و لقي مجموعة من أهل العلم و استفاد منهم كثيرا ليغني تجربته و علمه. و هو بتأثره بالطريقة المختارية  و غيرها فهو يحسب ضمن الزهاد و المتصوفة و الصلحاء.

 1.5الصالح و الفاضل

       القيم الدينية و الأخلاقية التي تميز بها أحمد بن الحاج جعلت منه مقصدا للصالحين و أهل الخير.  و حتى الذين عاصرهم و تأثر بهم فهم يعدون في قائمة  الصالحين و الأخيار لأن صالحا و فاضلا لا يمكن له أن يجد ذاته إلا في من يكرسون قيم الصلاح و الفضل.        

1.6  الممول و المسير

        أن تتوفر على مدرسة يدرس بها الفقه و اللغة و القرآن يعني أن تكون متاحة للقريبين و البعيدين؛ أي أنها يجب أن توفر ملجأ للباحثين عن المعرفة و العلم، و قد حقق العلامة أحمد بن الحاج هذا الجانب من خلال مؤونة من يقصده من الصالحين و آهل الخير و طالبي العلم.  

  1.7المفتي

        علاوة على هذه القيم و الصفات  التي تحدثنا عنها يمكن إضافة صفة المفتي التي جسدها أحمد بن الحاج من خلال التفاعل مع قاصديه و الذين كان من بينهم طبعا طالبين للفتوى و للاستشارة الدينية. و يذهب العلامة في هذه الصفة إلى أبعد من ذلك فحتى زوجتيه لالة فاطنة و لالة رقية كانتا تساهمان في تبسيط الأمور الدينية للنساء اللائي لا يتجرأن على لقاء العلامة بشكل مباشر.

        و يفهم من خلال ترجمة الكانوني لهذه الشخصية الدينية و العلمية بأن وفاتها كانت خلال فترة العشية  من يوم الأحد ثامن و عشرين ذي القعدة لسنة 1311 هجرية الموافقة ل 1893 ميلادية؛ أي أن وفاته كانت نهاية القرن التاسع عشر الميلادي و من الأكيد  أن  أحمد بن الحاج عاش خلال صدر و نهاية هذا القرن.

         أما مكان دفنه فهو مقبرة سيدي محمد بن مسافر المقابلة للمحيط حيث يرقد جثمان أبيه الحاج حمو ابن فلان بن عبد الكريم.

 

- 2أحمد بن الحاج مؤسس مدرسة علمية و دينية.

 

        كان أحمد بن الحاج يستقر رفقة أبيه بمنطقة الحويطات و كانا يدرسان القرآن في مكان كان به مسجد وما زال أساسه قائما و يبدو من خلال أطلاله بأنه بسيط الشكل و البناء.  تواجد بداخل مساحة مهمة استوعبت خلال حقبة سكن أحمد بن الحاج بها " نوايل" تلك السكنيات التي كانت شائعة في المنطقة و غيرها.

        رغبة أحمد بن الحاج في توسيع إشعاعه الديني دفعه إلى أن يحظى ببقعة أرضية مهمة المساحة لكي يؤسس بها مدرسته و مسجده؛ فما كان من محمد بن عبد الله  إلا أن أهداه البقعة و زوجه بابنته لالة رقية المالدية و التي أنجب منها فيما بعد الأولاد الآتية أسماءهم ׃

 سي بيدة المسمى محمد

 سي المدني

سي عبد القادر

أحمد زروق

         كما كان لأحمد بن الحاج من لالة فاطنة زوجته الثانية عدة أبناء و هم ׃

سي العربي

سي المختار

محمد الطالب

        و بتوفر الشروط المكانية و السكانية لأحمد بن الحاج على أرض العكارطة بدأت مدرسته في استقطاب الدارسين و الطلبة، و بدأ صيت المدرسة و فقهائها يتجاوز حدود المنطقة رغم بعض الصعوبات التي واجهت العلامة خلال بدايات مدرسته.

        و  أصبح حينها يحسب لفتاوى أحمد بن الحاج و أبنائه الذين نهلوا عنه و عن أبيه الحاج حمو و عن آخرين كالعلامة الفقية الحدوشي بالحدادشة إلى درجة أن هذه القلعة الدينية أصبح لها وزن لدى القاصي و الداني؛ بحيث أن القائد عيسى بن عمر العبدي الذي نسج علاقات ضيقة مع العلامة عايش فترة هذا الأخير  و أبنائه. ففترة حكم  سي عيسى  ابتدأت في 1879 و انتهت في  1914 أي أنه عايش أحمد بن الحاج و هو في هرم السلطة لمدة 14 سنة من قيادته على عبدة قبل أن تكمل العلاقة مسارها بين أبناء أحمد بن الحاج و القائد عيسى بن عمر  على نفس إيقاع  سابقتها إن لم نقل عرفت العلاقة فترات عسيرة.

        و تذكر الذاكرة العكراطية و كذا ذرية أحمد بن الحاج وقائع كثيرة عن سمة المد و الجزر التي اتسمت بها العلاقة بين فقهاء العكارطة و ممثل الظاهرة القائدية عيسى بن عمر منها اختطافه غصبا لأحدى بنات أحمد بن الحاج و التي بعد دعوات من هذا الأخير بقيت معه دون أن تلد حتى توفيت.

         غير أن الواقعتين اللتين سنركز عليهما كثيرا في هذا البحث هو دخول القائد عيسى بن عمر للعكارطة قي مرتين متواليتين رغم عدم تمكننا من الوصول  إلى الوثيقة التي تشكل إنذارا للفقهاء بخصوص ما استشعره القائد عيسى بن عمر من خطورة فتاوى و موافق أحمد بن الحاج و أبنائه و كان الإنذار حينها بمثابة توثر كبير في العلاقة.

        و بغض النظر عن  بعض اللبس المتعلق بهذه الوثيقة فإن ذلك لا يعدم دخول عيسى بن عمر العبدي للعكارطة و ذلك ما سنفسره في ما يأتي ׃

  • اختطاف عيسى بن عمر لأحد بنات أحمد بن الحاج بعد أن طلب يدها من أبيها لابنه  و رفضه يدل على أن علاقة التنافر كانت قائمة بين قائد و فقهاء صلحاء؛ أي بين فكر ديني متحضر و فكر قائدي مخزني متسلط، و بكون سمة التنافر قائمة في العلاقة و ظاهرة فإمكانية التدخل على أرض واقع العكارطة واردة و ممكنة جدا.
  • كان للقائد عيسى بن عمر البحثري علاقة اتسمت هي كذلك بنفس الطابع مع العلامة الفقيه الحدوشي و يظهر عدم التناغم في هذه العلاقة من خلال مجموعة وقائع تحدى فيها الفقيه الحدوشي عيسى بن عمر؛ و عليه فإن هذا الأخير و قواته لم يكونوا بعيدين عن العكارطة للتدخل على أرضها و التمرد على فقهاء تشكلون بمنطق المخزن أنذاك خطرا على استقرار القائد عيسى و حكمه و سلطته.
  • ذكر لنا أحمد غيوت المعروف بلقب الطالب بن هنية في أحد اللقاءات معه  بأن من أبناء أحمد بن الحاج من أسر لدى عيسى بن عمر و قضى بعضا من السجن من أجل مواقفه و فتاواه.
  • كانت ساكنة أولاد زيد على صراع طاحن مع القائد عيسى بن عمر و كان هذا التطاحن بائنا من خلال حركات و حروب القائد ضد القبيلة، و حتى من خلال الثقافة الغنائية الشعبية التي جسدت من خلالها خربوشة الزايدية سمك الصراع. و لما كانت تهاجم كانت القبيلة تحتمي بأيير و بزاويتها الفارسية المتواجدة بقصبة المنطقة.
  • عيسى بن عمر العبدي عاصر أحمد بن الحاج و عاصر أبناءه لمدة مهمة فهو عاصر أحمد بن الحاج قبل وفاة هذا الأخير بأربعة عشر سنة و عايش أبناء العلامة بعده.

         بهذه الأفكار التي بسطناها لتحقيق سؤال دخول عيسى بن عمر إلى العكارطة يتضح بأن أقدام عيسى بن عمر و جيوشه كانت قريبة من العكارطة و كون القائد دخل إليها - بعض النظر عن عدد المرات-  وارد؛ فسؤال اللقيا و المعاصرة قائم و تضاف إليه تجليات الصراع و الصدع الذي عرفته العلاقة بين الطرفين و جهات أخرى بالمنطقة و بالنواحي الملامسة لها.

        و بالعودة إلى المراحل المعرفية التي عرفها مسار أحمد بن الحاج بالمنطقة فيمكن التمييز بين مرحلتين أساسيتين أولهما المحلة القيسومية و ثانيهما المرحلة العكراطية؛ اختلفت كل واحدة منهما في مكانها و زمانها لكن الأسس و الأهداف تكاملت و توسعت خصوصا في التجربة العكراطية.

        إنه لمن المتداول عند البعض بالمنطقة خصوصا المتعلمين منهم و الدارسين و القاطنين لمنطقة الدرارزة التي تواجد بها مسجد و مدرسة أحمد بن الحاج هو أن هذه المنطقة كانت تسمى بالمدينة. و هذا لا يفسر في نظرنا بحسب مظاهر المدينة المادية التي استجابت لها المنطقة و لكن لأن الدرارزة استوعبت تمدنا و تحضرا و فقها و علما ساهم في إبرازه أحمد بن الحاج و أبنائه و حتى نساءه كمدارس في الأخلاق و العلم و التدين و التحضر.

 

3 .أحمد بن الحاج و أدواره المتعددة بالعكارطة.

 

        لم تكن شخصية أحمد بن الحاج لتمر من منطقة العكارطة دون أن تترك بصماتها بمجموعة من مجالات و مناحي حياة المنطقة و تلك المجاورة لها. و بهذا المنظور فالعلامة أحمد بن الحاج هو و أبئاءه و زوجاته استطاعوا المساهمة بأشكال متعددة في رسم معالم تاريخ و حاضر منطقة ما زالت إلى الآن تتحدث عن أدوار أحمد بن الحاج و الفقهاء الذين انتسبوا له أو أولئك الذين درسوا بمسجده و مدرسته سواء خلال فترته أو فترة بناءه أو فترات الذين تعاقبوا على مسجد العكارطة الأول كالطالب بن هنية و الطالب الدكالي و غيرهم من الفقهاء.

        و سنأتي من خلال هذا المحور على الأدوار المتعددة الذي لعبها العلامة أحمد بن الحاج و مدرسته الدينية و العلمية.

3.1 الدور الديني

        يمكن أن نرى في هذا الدور أساسا و أصلا لمجموعة من الأدوار التي تناسلت عنه فبحلوله على المنطقة و استقراره بالحويطات ناحية القواسمة كان العلامة أحمد بن الحاج يضع أمام عينه أهدافا على رأسها الهدف الديني المتمثل في نشر تعاليم الدين و تحفيظ القران و دراسته. و جاءت مدرسته بمدينة الدرارزة لتوسع هذه الآفاق و هي في نظرنا صيغة متطورة و متقدمة كانت مؤطرة أكثر و جاءت لتهيكل العمل الأول و تزيد من وقعه و تعطي فرصا أكبر لنجاح تجربة أحمد بن الحاج الدينية.

3.2 الدور العلمي

        أسس أحمد بن الحاج حمو مدرسته القرآنية و العلمية بالعكارطة و كان همه أن ينهل الآفاقيون و القاطنون قريبا من مدرسته من علمه و علم أولاده الذين درسوا خارجا لكي تتجدد تجربتهم و يتربوا على يد شخصيات متعددة.

 3.3الدور الاجتماعي

        لم تكن قلعة أحمد بن الحاج الدينية و العلمية لتبقى معزولة و منزوية عن المجتمع و لكنها كانت مساهمة فيه و الدليل على ذلك كون أحمد بن العاج لم يكن بعيدا عن قاطني العكارطة أنداك بحيث كانت النساء تأتين للاجتماع بزوجاته و إناث عائلته و كن يصمن و يذكرن و يطلبن الفتوى.

 3.4الدور الحمائي

        كان أحمد بن الحاج و أسرته يشكل ملجأ و دارا محصنة لفتيات المنطقة بحيث كانت فتيات العكارطة يقضين الليل كله عند العائلة الأحمدية و في الصباح يرجعن إلى منازلهن و ذلك يفسر في نظرنا بخوف الفتيات من بطش عيسى بن عمر الذي عرفت مجموعة من مناطق نفوذه ما سمي بالسيبة. و كانت الفتيات يخفن أن يصبحن أسيرات لدى القائد عيسى بن عمر الذي كان معروفا بحبه للحفلات  و النساء. و بهذا فشكل أحمد بن الحاج حماية لهؤلاء الفتيات إن أخذنا بعين الاعتبار قيمة ومواقف أحمد بن الحاج و ابناءه التي تحدت سي عيسى كما فعلها بنفس زمانهم الفقيه الحدوشي.

3.5 الدور الجهادي

        بتحديهم للقائد عيسى بن عمر كان كل من أحمد بن الحاج و غيره من أولاده على استعداد للجهاد بالنفس و ما إليها من أجل مواقفهم و قيمهم و لعل صبر أحمد بن الحاج على اختطاف ابنته و دعواته لها بأن لا تختلط ذريته بمتسلط و مخزني خير نموذج ينخرط في سياقات هذا الدور، زد على ذلك المعاناة مع الأسر التي كان يخلفها القائد لدى بعض أبناء احمد بن الحاج. و بالتالي فنحن أمام أفراد أسرة صبرت و ضحت من أجل أن تستمر في العطاء على نفس الطريقة و بنفس الوثيرة.

3.6 الدور الصوفي

        كان أحمد بن الحاج حمو متأثرا بالطريقة المختارية  القادرية المنتسبة إلى عبد القادر الجيلاني و كان من الزهاد و الصلحاء المحبين لمعاشرة الصلحاء و أهل الخير.

3.7 الدور الاقتصادي

        كان أحمد بن الحاج يوفر الملجأ و المشرب و المأكل لتلامذته و قاصديه هو و  مدرسته. و رغم أن بداية مسجد و مدرسته لم يكونا في البداية إلا عبارة عن نوايل إلا أنه لم يدخر جهدا لإنجاح مشروعه العلمي و الديني و المجتمعي.

        و استطاعت المدرسة أن توفر فيما بعد غرفة كبيرة و مستطيلة الشكل كانت تسمى عند أهل العكارطة بظهر "العود" لأنها كانت تشبه بنية ظهر الحصان الجسمية، بحيث كانت الغرفة الطويلة ذات سقف قصير و دائري كما هو الحال لظهر الدواب. كما كانت المدرسة تحتضن مطبخا  رأى النور لأجل إطعام الطعام غير أنه لم يتبق منها شيء و كان مرتادو مسجد أحمد بن الحاج  يسجلون تواجد بقايا مطبخ خلال الخمسينات و الستينات من القرن الماضي.

        و بالنسبة للتزود بالماء  فكان بئر بمنطقة الوادي بالعكارطة يعد مصدر مياه الدرارزة و مدرسة أحمد بن الحاج و مسجده.

        ومن المؤكد في اعتقادنا بأن أحمد بن الحاج و أدواره المتعددة مكنته من التأثير على تجارب لحقت تجربته العلمية و الدينية المتميزة و الراسخة. و لم ينسلخ مسجد العكارطة الأول عن أدواره كاملة و رغم انحصارها و اختزالها على مستوى تحفيظ القران و المناسبات الدينية التي كان صوت الغناء الديني و الصوفي يسمع عاليا في سماء هذا المسجد.

 

خاتمة

 

        من خلال المحاور التي عرضناها ووقفنا على مجموعة من المظاهر المتعلقة بالعلامة أحمد بن الحاج و أبناءه و تاريخ المدرسة العلمية و الدينية التي أسس لها على أرض العكارطة و كذا الأدوار المتعددة التي لعبتها الأسرة الأحمدية بالمنطقة، يتضح بالملموس بأن أحمد بن الحاج حمو شكل مدرسة علمية و أخلاقية بصمت بقوة الأرشيف الشفوي و الذاكرة المحليتين.

و استطاعت الأسرة التي فصلنا في بعض جوانب قوتها أن ترقى و تصمد في ظل مجموعة من الإكراهات المكانية و الزمانية, و التي لم تكن في نظرنا إلى دفعة لهذه المدرسة العلمية العتيدة لكي تقول كلمتها و تترك ثقلها  بصوفيتها و أدوارها الاجتماعية و الجهادية و العلمية و غيرها  على ساكنة المنطقة نهاية القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين.

        و رغم أن هذا الإسهام يبقى متواضعا في نظرنا لأن التأريخ و الحديث عن العكارطة و العلامة أحمد بن الحاج و أسرته لا يمكن أن يختزل في بعض الصفحات, و لكن الموضوع يستحق كتابا مفصلا و قائم الذات قد لا يبخس و يستصغر دور هذه الأسرة في تاريخ المنطقة و ذلك ليكون مرجعا و منهلا تستفيد منه ساكنة أيير و غيرها في استنهاض الهمم و التفكير في رد الاعتبار لهذه الشخصيات و لو من خلال التأريخ لها و حفظها في الذاكرة المكتوبة.

 

المراجع المعتمدة

 

  • محمد بن أحمد الكانوني العبدي، جواهر الكمال في تراجم الرجال ( الجزء الأول) 2004، مطبعة ربا نيت. الرباط.
  • المصطفى فنيتير، عيسى بن عمر قائد عبدة 1879 -  1914 ،مطبعة ربا نيت 2005، الرباط.
  • عبد القادر رجاء، مساجد العكارطة و أدوارها، بحث منشور 2007.
  • عبد القادر رجاء جوانب من الإشعاع الديني و العلمي للحدادشة، كتاب لم يطبع بعد.
  • شهادات متعددة لمجموعة من الشخصيات  ׃

أحمد غيوت بن عبد القادر المعروف بالطالب ولد هنية.

أحمد نوصير بن عبد القادر.

المرحوم محمد يوداد بن أحمد.

 

 

 

 

 

 

 

Commenter cet article
ا
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
Répondre
N
لا تنسى الفيه ااحدوشي وشكرا
Répondre
N
ابحث في ارشيف العالم العلامة)الفقيه الحودوشي(<br /> وما فعل بعيسىبن عمر المستبد<br /> شكىا
Répondre
N
لتتمة موضعك ابحث في أرشيف العالم و العلامة<br /> الحكيم الصوفي)الفقيه الحدوشي(
Répondre
N
ابحث في أرشيف .الفقيه الحدوشي.العالم العلامة<br /> وشكرا لك
Répondre
ا
شكرا على هذا البحث وعلى هذه المعلومات القيمة وارجو لك مزيدا من التألق والله الموفق
Répondre